إسلام النجاشي ملك نصارى الحبشة
ولما عرف النجاشي ملك الحبشة أن عباد الصليب لا يخرجون عن
عبادة الصليب إلى عبادة الله وحده أسلم سراً ، وكان يكتم إسلامه بينهم هو وأهل
بيته ولا يمكنه مجاهرتهم ، ذكر ابن إسحاق أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليه عمرو بن أمية
الضمري رضي الله عنه مكانه يدعوه إلى الإسلام ، فقال له عمرو : يا أصحمة ! على القول وعليك الاستماع : إنك
كأنك في الرقة علينا منا وكأنا في الثقة بك منك لأنا لم نظن بك خيراً قط إلا نلناه
، ولم نخفك على شئ قط إلى أمناه ، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك ، الإنجيل بيننا
وبينك شاهد لا يرد ، وقاض لا يجور ، وفي ذلك موقع الحز وإصابة المفصل، وإلا فأنت
في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى ابن مريم ، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم
رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له، وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف وأجر
منتظر.
فقال النجاشي : أشهد بالله أنه لنبي الأمي الذي ينتظره أهل
الكتاب ، وأن بشارة زكريا براكب الحمار كبشارة أشعياء براكب الجمل ، وأن العيان
ليس بأشفى من الخبر.
قال الواقدي : وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة .
اسلم أنت
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد
أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيب والحصينة ، حملت
بعيسى خلقه من روحه ونفخه ، كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك
له ، والموالاة على طاعته ، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله إليك ،
وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل ، وقد بلغت ونصحت فقبلوا نصيحتي والسلام على من
اتبع الهدى …
فكتب إليه النجاشي : بسم الله الرحمن الرحيم ،
إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة ، سلام
عليك يا نبي الله من الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو .
أما بعد فلقد بلغني
كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت
تفروقاً ، إنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه
، فأشهد إنك رسول الله صادقاً مصدقاً وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه
لله رب العالمين.
والتفروق علامة تكون
بين النواة والتمرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق